كما كان متوقع أعلن البنك الفيدرالي أمس عن رفع معدلات الفائدة البنكية 0.75 نقطة مرة اخرى ليصل معدل الفائدة البنيكة الى مستوى 4% وهو مستوى تاريخي بالنسبة لمستويات الفائدة الأمريكية كما هو معروف، وبكل تاكيد سيكون هناك تاثير قوي على الأسواق وسيكون هذا التأثير هبوط في سوق الاسهم العالمي، تراجع أسعار السلع على المدى القصير بسبب الموجة القوية لصعود الدولار الأمريكي ليس فقط أمام باقي العملات وانما أمام كل شىء تقريباً.
من الناحية الاستثمارية تجد ان ببساطة المستثمرين يجمعون أكبر قدر من النقود السائلة في محافظهم الاستثمارية للأستفادة من احتمالات هبوط الاسواق الى مستويات أقل من المستويات الحالية والتي ستجعل منها فرصة العمر لكثير من المستثمرين، أيضاً هناك شكوك عن دخول الاقتصاد في مرحلة كساد بعد الركود الحالي الذي يسيطر على الاسواق، الولايات المتحدة الامريكية لن تكون المتضرر الاكبر لان الاقتصاد الامريكي يعمل بكفاءة عالية في الوقت الحالي مما سيجعل من التراجع مجرد وقت وربما بعض الاضرار للشركات الامريكية، ولكن الازمة ستأتي من خارج الولايات المتحدة الامريكية وبالأخص من الأسواق الناشئة والتي ستشهد مزيد من الصعوبات في الفترات القادمة بكل تأكيد بسبب ارتفاع الدولار الامريكي.
ارتفاع الدولار الامريكي الان أصبح أهم هدف للفيدرالي، وهو أيضا الكابوس الذي يهدد العملات الغير المرتبطة بالدولار الامريكي، فهناك عملات لن تتضرر من ارتفاع الدولار الامريكي كعملات الخليج والتي ترتبط بالدولار الامريكي على أي حال، ولكن الدول الاخرى كمصر ولبنان وباقي دول العالم الغير مرتبطين بالدولار الامريكي سيشهدون مزيد من موجات التضخم على وارداتهم، والتي ستزيد من العجز في الميزات التجاري في حالة عدم موازنة الصادرات مع ارتفاع تكاليف الواردات بهذا الشكل.
الازمة ليست من الولايات المتحدة الامريكية وحدها فالحرب ما بين روسيا واوكرانيا ايضاً لها يد في هذه الكوارث الاقتصادية التي تصيب العالم في الوقت الحالي، ارتفاع تكاليف الانتاج بالنسبة للمصانع خاصة المصانع الصينية ستدفع معدلات التضخم الى مزيد من الارتفاع، وكما نعلم ان هناك نوعان من التضخم، الاول ياتي من ازدياد الطلب والثاني ياتي من ارتفاع تكاليف الانتاج، وهذا النوع الاخير هو النوع الاخطر في علم الاقتصاد لانه يدفع الدول الى انخفاض معدلات النمو وبالتالي في الوقت الذي يشهد فيه الاقتصاد تضخم مصاحب لهذه الظاهرة يكون رفع معدلات الفائدة أكثر ضرراً على الاقتصادات فهو يصيب الاقتصاد بما يسمى بالتضخم الركودي وهو بدوره احد أصعب المواقف الاقتصادية التي تصيب الدول.
متوقع مزيد من الهبوط لمؤشرات السوق الامريكي كالداو جونز وناسداك بالاخص، ومتوقع هبوط الذهب والمعادن بشكل عام خلال الفترات القادمة على المدى القصير وربما المتوسط أيضاً، ولكن الذهب قد يشهد ارتفاع قوي مفاجىء في حالة حدوث أي خلل في الاقتصاد بسبب ارتفاع التضخم، فالذهب ملاذ أمن ضد المخاطر والكوارث بشكل عام، لذا في أي وقت يحدث خلل ويشعر من خلاله المستثمرين أنه قد يؤدي الى كارثة اقتصادية سنشهد ارتفاع قوي جداً في أسعار الذهب، هذا السيناريو يمتاز الان بنسبة احتمالات أعلى من 50%.