انهيارات الذهب والفضة – أسباب وتحليل الأسعار تقنيا وأساسيا

شهدنا اليوم تراجعات حادة في أسعار أونصة الفضة التي خسرت نحو 9% خلال جلسة اليوم، أما من قمتها التي سُجلت قبل ثلاثة أيام فقط، فقد بلغت التراجعات حوالي 13%.
أما الذهب، فقد سجل اليوم اختبارًا للمستوى القياسي الذي كان قد سجله بالأمس بالقرب من 4400 دولار للأونصة، قبل أن يتراجع بشكل حاد اليوم بخسائر تُقدّر بنحو 7%.
تعود أسباب هذه التراجعات بشكل رئيسي إلى عمليات تصحيح طبيعية بعد موجة ارتفاع طويلة استمرت منذ شهر أغسطس الماضي.

لكن إلى أين تتجه الأسعار؟
التحليل الأساسي للمعادن الثمينة، كما ذكرنا في تقاريرنا السابقة، مرتبط بمجموعة من العوامل الجيوسياسية والاقتصادية.
فارتفاعات الذهب والفضة في الفترة الأخيرة جاءت نتيجة عوامل اقتصادية بالدرجة الأولى، إذ تراجعت المخاوف الجيوسياسية في الوقت الذي ارتفعت فيه المخاطر الاقتصادية الناتجة عن تباطؤ الاقتصادات الكبرى، ما جعل احتمالية خفض أسعار الفائدة لمواجهة هذا التباطؤ أمرًا مرجحًا جدًا.
وبالتالي، دفع ذلك المستثمرين إلى زيادة احتفاظهم بالذهب والفضة كملاذ آمن، خصوصًا في وقت تسجل فيه أسعار الأسهم مستويات قياسية بشكل عام.

العوامل الجيوسياسية وتأثيرها:
تشير التغييرات الأخيرة في المخاطر الجيوسياسية إلى تراجع نسبي في هذه المخاطر بعد الاتفاق ووقف إطلاق النار في غزة، وكذلك مع اقتراب الاجتماع المرتقب بين بوتين وترامب لإنهاء الحرب الروسية في أوكرانيا.
إلا أن انعكاس المخاطر الجيوسياسية قد ينتهي سريعًا في تسعير الذهب، لكن من المهم التأكيد أن هذه المخاطر لم تنتهِ فعليًا بعد، كون الحرب ما زالت مستمرة، ولذلك فإن التراجعات الأخيرة في الأسعار ليست ناتجة عن تراجع العوامل الجيوسياسية.


التحليل التقني للذهب

الرسم البياني التالي للذهب يُظهر القناة الصاعدة باللون الأخضر التي تمثل تحركات الأسعار منذ أبريل 2024، حيث تسارعت الارتفاعات بشكل حاد منذ أغسطس 2025.

 

أما التصحيح الأخير، فلا يُمثل سوى نحو 30% من موجة الارتفاع المستمرة منذ أغسطس، ما يجعله تصحيحًا طبيعيًا جدًا ضمن المسار الصاعد العام.

يمكن للأسعار أن تستمر بالارتفاع خلال الفترة المقبلة طالما حافظت على وجودها فوق الدعم الأول عند 4000 دولار، وهو يمثل أدنى سعر سُجل خلال الأسبوع الماضي.
أما في حال تراجعت الأسعار دون مستوى 4000 دولار وأغلقت يوميًا أسفله، فقد يفتح ذلك المجال لاختبار أدنى مستوى سُجل خلال شهر أكتوبر عند 3819 دولارًا.

إذن، الذهب أمام دعمين أساسيين:

  • الدعم الأول: 4000 دولار، وكسره هبوطًا يعني أن الهدف التالي هو 3819 دولارًا.
  • الدعم الثاني: 3819 دولار، وكسره والإغلاق اليومي دونه سيدفع الأسعار نحو مستويات تتراوح بين 3600 و3700 دولار.

أما في حال استقرت الأسعار فوق مستوى 4000 دولار وتمكنت من التجميع والثبات لفترة زمنية، فقد يشير ذلك إلى إمكانية استئناف الارتفاع نحو مستويات أعلى، مع وجود حاجز نفسي حول 4500 دولار كمستوى مقاومة رئيسي.

بشكل عام، يُعتبر تسعير الذهب طبيعيًا ضمن نطاق يتراوح بين 3500 و4500 دولار للأونصة في المرحلة الحالية.


التحليل التقني للفضة

من خلال الرسم البياني اليومي للفضة، نلاحظ أن الارتفاعات كانت حادة جدًا منذ نهاية شهر أغسطس، حيث ارتفعت الأسعار بأكثر من 40% خلال شهرين فقط، وهي ارتفاعات مبالغ بها كما ذكرنا سابقًا، خاصةً بعد تراجع العوامل الجيوسياسية وعدم ترجمة العوامل الاقتصادية إلى أزمة فعلية.

لذلك، فإن التراجع الحاد اليوم بأكثر من 12% يُعتبر طبيعيًا جدًا بعد تلك القفزات الصاروخية.

 

 

القناة الصاعدة باللون الأخضر تُظهر أن الأسعار تجاوزت التدرج المنطقي للارتفاع، ما يجعل التصحيح الحالي مبررًا.
تواجه الفضة الآن مستويين دعم رئيسيين:

  • المستوى الأول: عند 45.89 دولارًا، وهو يمثل أدنى سعر سُجل في أكتوبر. وفي حال التراجع والإغلاق اليومي دونه، سيُفتح المجال لاختبار أدنى مستوى سُجل في سبتمبر عند 39.52 دولارًا.
  • المستوى الثاني: عند 40.00 دولارًا، والذي يُعد مستوى محوريًا يجب على المضاربين مراقبة سلوك السعر عنده، إذ إن كسره والإغلاق دونه قد يدفع الأسعار إلى مزيد من التراجعات.

بشكل عام، تُعتبر المستويات بين 40.00 و39.50 دولارًا نطاق دعم رئيسي للفضة، ويُوصى بمراقبة سلوك السعر بدقة عند مستويات 45.90 و40.00 دولار لتحديد الاتجاه القادم بدقة أكبر.

Related posts

تقرير شامل عن تحديثات مؤشر داو جونز ومؤشر S&P 500 وأسعار الذهب ليوم 21 أكتوبر 2025

التقرير التقني للأسواق العالمية – تفاؤل محفوف بالحذر

انخفاض أسعار النفط نتيجة مخاوف من فائض المعروض وانحسار المخاطر الجيوسياسية.