في المقال الأخير تحدثنا عن تقسيم الاتجاهات إلى ثلاث اتجاهات من وجهة نظر تشارلز داو مؤسس النظرية، وفي هذا المقال سنستكمل فكرة تقسيم الاتجاهات، ولكن بشيء من التفصيل. سنتحدث عن كل اتجاه بشكل منفصل من حيث مدته وقوته وما يعبر عنه كل اتجاه وطريقة الاستثمار في كل من أنواع الاتجاهات الثلاث.
الاتجاه العام (Primary trend )
هذا النوع من الاتجاهات كما تحدثنا هو الإطار العام الذي تسير فيه الأسعار، سواء صعودًا أو هبوطاً، ويسمى الاتجاه العام للأسعار أو الاتجاه الرئيسي. ويستمر كما ذكرنا في المقال السابق من سنة إلى عدد من السنين، وكما ذكر مارتن جي برينج في كتابه أن الدورة الاتجاهية غالباً تكون بين 4 لـ 5 سنوات، بناءاً على الاحصائيات التاريخية، ويعني بهذا أن النقطة التي يبدأ منها الاتجاه العام يتم إعادة اختبارها خلال المدة الزمنية المذكورة، ولكن حتى يتوخى حذر خداع الإحصائيات فهو يرى نوع آخر من الاتجاهات، ويسميها الاتجاهات العظمى أو التاريخية، وهي التي تستمر من 15 إلى 25 سنة من وجهة نظره. وبذلك قد أضاف مارتن برينج نوع آخر للاتجاهات وهو الاتجاه التاريخي للأسعار، أما تشارلز داو فقد اكتفى بفكرة الاتجاه العام للأسعار كما ذكرنا.
وبالطبع كان تشارلز داو يعرف الاتجاه الصاعد مثلاُ أنه كل اتجاه تكون فيه قمة أعلى من السابقة، وقاع أعلى من السابق، في إشارة إلى أن الحركات الاتجاهية تتعدى السابقة لها في حين أن الحركات التصحيحية أو ردود الأفعال تنتهي بسرعة، والعكس في الاتجاه الهابط، فكلما كان سلوك الأسعار بهذا الشكل، فهذا يعني أن الاتجاه مازال فعالاً إلى أن يتأكد انعكاس هذا السلوك.
لذلك يرى مستخدمي النظرية أن الاتجاه العام للأسعار هو الوحيد الذي يعول عليه في الاستثمار، فوظيفة المستثمر في هذه الحالة هي أن يحدد متى يبدأ الاتجاه ويقوم بشراء الأسهم ولا يبيعها إلا إذا تأكد انعكاس هذا الاتجاه. والاستثمار طويل الأجل هو هدف مستخدمي نظرية داو جونز، وذلك بالطبع لأنها لا يجوز تطبيقها على المدى القريب أو المتوسط لأسباب سنتحدث عنها لاحقاً.
الاتجاهات الثانوية (The secondary trend)
هذه بالطبع مهمة بالنسبة لمستخدمي النظرية، حيث أن كل انعكاس للاتجاه يبدأ في الغالب مع الحركة التصحيحية، لذلك المستثمرون بهذا الأسلوب دائماً ما يعطوها أهمية كبيرة، نظراً إلى أن أي حركة عكس الاتجاه من الممكن أن تكون نهاية الاتجاه العام، فالحركات التصحيحية تبدأ بسيطة ولكنها من الممكن أن تكون النهاية. ولا أحد يعرف متى ستنتهي الحركة التصحيحية حتى وإن كانت الاحتمالات مع الاتجاه العام، ولكنها من الممكن أن تكون بداية الانعكاس. لذلك الحركات التصحيحية كانت بالنسبة لتشارلز داو في حدود ثلث أو ثلثي الحركة الاتجاهية، أما إذا زادت الحركة التصحيحية عن 100% من الحركة الاتجاهية السابقة لها، ففي هذه الحالة تكون ملامح الانعكاس قد بدأت بالفعل، وفي هذه الحالة على الأرجح تكون قد كسرت خط الاتجا.، سنتحدث عن خطوط الاتجاه كنوع من أنواع الأدوات الخاصة بالتحليل الفني لاحقاً.
إذًا فالحركة التصحيحية التي تكون في حدود الـ 33% أو الـ 66 % تكون في الغالب حركة تصحيحية غير مقلقة وطبيعية، وفي الغالب تستمر هذه الحركة ما بين 3 أسابيع إلى عدد من الشهور بناءاً على معلومات أدوارد أند ماجي في كتاب التحليل الفني لاتجاهات الأسهم.
أما عن الاتجاهات الفرعية أو الصغيرة، فهي ليست مهمة كما ذكرنا بالنسبة لمستخدمي نظرية داو جونز، ولكن هي في الغالب حركات تستمر في حدود الـ 3 أسابيع بحد أقصى. وبالآونة الأخيرة، ومع تطور نظم التداول في البورصة العالمية، يتم التعويل على هذه الحركات بشدة في أنظمة تداول كثيرة، لذلك المضاربون، والذين هم عكس المستثمرون طويلي الأجل، يستخدموها بكل تأكيد، لأنهم لا يهتمون بالاتجاهات العامة للأسعار نظراً لسرعة تنفيذ الصفقات وسرعة الخروج والدخول من وإلى السوق، فلكل مضارب طريقته الخاصة. أما عن النظرية التي هي موضوع الدراسة فهي لا تهتم بالحركات الصغيرة، ولكنها تهتم فقط بالاتجاه العام للأسعار. في المقال القادم سنكمل مبادىء نظرية داو جونز، وسنتحدث عن تأكيد المتوسطات لبعضها البعض، وهو الشرط الذي كان يعول عليه تشارلز داو انعكاس حالة الاقتصاد بشكل عام.