مؤشر أسعار المستهلكين (CPI) في الولايات المتحدة الأمريكية يمثل أحد أبرز المؤشرات الاقتصادية المؤثرة في صنع القرارات الاقتصادية والسياسية.
يترقب المستثمرون والمحللون الإعلان عن القراءة السنوية لهذا المؤشر، والمتوقع أن تستقر عند مستوى 3.1%، وذلك يوم غد الثلاثاء الساعة 3:30 عصرًا بتوقيت الكويت.
هذه القراءة، التي تعتبر الأهم في هذه الفترة، قد تؤثر بشكل مباشر على قرارات الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في اجتماعه المنتظر في 20 مارس، حيث ينتظر السوق بقاء معدل الفائدة دون تغيير.
تأثيرات القراءة على السياسة النقدية:
أي مفاجآت كبيرة، سواء بانخفاض أو ارتفاع في مؤشر CPI، قد تدفع بعض أعضاء الفيدرالي لتغيير آرائهم.
تراجع المؤشر قد يفتح الباب لخفض معدل الفائدة بوتيرة أكبر خلال العام، بينما ارتفاعه قد يؤكد على الحاجة للتريث ويقلل من احتمالية خفض معدل الفائدة في الاجتماعات المقبلة.
تأثيرات القراءة على الأسواق المالية:
الارتفاع في التضخم قد يؤدي إلى مكاسب قصيرة الأجل لمؤشر الدولار الأمريكي ويضغط على عملات أخرى ومؤشرات الأسهم،
بينما تراجع التضخم قد يخلق ارتياحًا في أسواق الأسهم ويرفع من قيمتها.
التوقعات بناءً على البيانات الأخيرة:
بيانات القطاع الخدمي والصناعي الأمريكي التي صدرت الاسبوع الماضي تشير إلى تراجع بسيط في وتيرة نمو الأسعار،
مما يدل على أنه لا تغير كبير متوقع في مؤشرات التضخم لشهر فبراير، مما قد يعني أن التأثير قد تم تسعيره بالفعل في الأسواق.
إذا جاءت القراءة مطابقة للتوقعات، فمن المرجح أن يستمر التعامل مع الأسواق وفق التحليلات التقنية وأن يستمر تراجع التضخم بشكل تدريجي، مما يمكن أن يقود في المدى البعيد إلى ارتياح في أسواق الأسهم وتراجع طفيف لمؤشر الدولار الأمريكي.
ومع ذلك، في المدى القصير، من المتوقع حدوث تقلبات عادية تبعًا للقراءة، والتي قد تؤدي إلى تحركات سريعة في الأسواق ولكنها لن تؤثر بشكل كبير على الاتجاهات طويلة الأجل.
تراجع أداء مؤشر أسعار المستهلكين يبعث على التساؤلات حول مستقبل السياسة النقدية
خلال الأشهر الثمانية الماضية، أظهر مؤشر أسعار المستهلكين (CPI) في الولايات المتحدة استقرارًا نسبيًا بعد التراجع من قمة منتصف عام 2022 وفق الرسم التالي:
حيث حامت القراءات حول مستوى الثلاثة بالمئة. هذه الثباتية في القراءات لم تعطِ الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي الثقة الكافية للشروع في خفض معدلات الفائدة، رغم مرور فترة ليست بالقصيرة.
على الجانب الآخر، إذا نظرنا إلى الوراء إلى العام 2019، قبل الجائحة وقبل الارتفاع الكبير في التضخم، نجد أن المؤشر كان يتحرك ضمن نطاق يتراوح بين 1.5% و 2% أي أقل من 3% الحالية وفق الرسم التالي:
يبدو أن الاحتياطي الفيدرالي يبحث عن علامات واضحة تشير إلى استقرار الأسعار ضمن نطاق محدد قبل الشروع في خفض معدلات الفائدة.
بناءً على ذلك، يمكن القول إن الاحتياطي الفيدرالي قد يحتاج إلى رؤية القراءات تستقر في نطاق يشبه تلك الفترة السابقة للجائحة – أي بين 1.5% وأقل بقليل من 2% – قبل أن يشعر بدرجة كافية من الاطمئنان لخفض معدلات الفائدة.