في واحدة من أكثر اللحظات توتراً في الشرق الأوسط خلال السنوات الأخيرة، تتصاعد حدة المواجهة بين إيران وإسرائيل بشكل متسارع، في ظل ضربات جوية متبادلة، واحتمالات دخول الولايات المتحدة على خط النار. ما كان حتى وقت قريب يبدو كحرب ظل، بدأ يتحول الآن إلى صراع علني مفتوح، يحمل في طياته تهديداً حقيقياً للاقتصاد العالمي، خاصة عبر مفترق الطاقة العالمي: مضيق هرمز.
بدأت الأحداث تتسارع حين شنت إسرائيل ضربات مفاجئة على منشآت نووية وعسكرية داخل إيران، أبرزها منشأة “نطنز” النووية، في محاولة لتقويض قدرات إيران النووية. الضربات كانت دقيقة وصادمة، وأدت إلى أضرار جسيمة وفقاً للتقارير الإسرائيلية. في المقابل، أطلقت إيران وابلاً من الصواريخ على تل أبيب، بعضها نجح في اختراق الدفاعات الجوية الإسرائيلية، في تصعيد غير مسبوق. هذا التصعيد المتبادل بين الطرفين وضع العالم على حافة حرب إقليمية شاملة.
الأكثر من ذلك، هو وجود قطع للقوات الأمريكية في البحر المتوسط قرب السواحل الإسرائيلية، حيث شاركت طائرات ومدمرات أمريكية في اعتراض الصواريخ الإيرانية، وفقاً لمسؤولين أمريكيين كبار.
وجود هذه القطع البحرية، القادرة على إطلاق صواريخ باليستية واعتراضها، لا يُعتبر مجرد “استعراض قوة”، بل تجهيز فعلي لإمكانية دخول الولايات المتحدة في معركة مباشرة، في حال تجاوزت إيران بعض “الخطوط الحمراء”.
“إذا هاجمت إيران الولايات المتحدة بأي شكل، فستتلقى رداً لم تشهده من قبل في التاريخ العسكري.”
الورقة الأخطر بيد إيران تبقى مضيق هرمز، الذي يمر عبره يومياً أكثر من 20% من النفط العالمي. أي محاولة إيرانية لإغلاق هذا الشريان الحيوي، أو حتى التلويح بذلك، ستدفع بأسعار النفط إلى مستويات تاريخية، وقد تُشعل أزمة طاقة عالمية.
إيران سبق وهددت عدة مرات بأنها قد تغلق المضيق في حال شعرت بتهديد وجودي، سواء عبر ضربة عسكرية أمريكية مباشرة، أو سقوط أحد أهم مواقعها النووية مثل “فوردو” الذي يقع داخل جبل ولا يمكن تدميره إلا بقنابل خارقة للخرسانة تملكها فقط الولايات المتحدة.
التصعيد النووي: بين الضغط والردع
إسرائيل تأمل أن تؤدي ضرباتها إلى “إضعاف إيران” ودفعها للعودة إلى طاولة المفاوضات بشأن برنامجها النووي. لكن الخطر الأكبر أن تدفع هذه الهجمات إيران إلى تسريع مساعيها النووية، معتبرة أن السلاح النووي هو “الضامن الوحيد” لبقائها.
وهنا يظهر خطر أن يتحول النزاع الحالي من حرب محدودة إلى سباق تسلح نووي في المنطقة، أو حتى إلى ضربة استباقية شاملة إذا شعرت إسرائيل أو الولايات المتحدة أن إيران اقتربت كثيراً من صنع قنبلة.
السيناريوهات المحتملة القادمة
- استمرار الضربات المحدودة: تبادل ضربات بين إسرائيل وإيران مع بقاء أمريكا على خط الدعم الدفاعي، دون الدخول المباشر.
- دخول أمريكا الحرب: هجوم على قاعدة أمريكية أو جنود أمريكيين يُشعل حرباً إقليمية بمشاركة البحرية الأمريكية والقاذفات الاستراتيجية.
- إغلاق مضيق هرمز: يؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط إلى مستويات قياسية، ويهدد بإشعال أزمة اقتصادية عالمية.
- ضربة نووية وقائية: إذا رأت إسرائيل أن إيران تقترب فعلياً من صنع سلاح نووي في منشأة “فوردو”، قد تلجأ إلى طلب تدخل أمريكي مباشر باستخدام قنابل “بانكر باستر”.
- تصعيد دبلوماسي تحت الضغط: أطراف دولية (كالصين وروسيا وأوروبا) تحاول فرض حل تفاوضي لمنع الانفجار.
نحن على حافة الهاوية.
العالم يشهد اليوم لحظة حرجة للغاية، حيث يمكن لصاروخ واحد أن يغيّر مصير المنطقة، وربما يعيد تشكيل خريطة الشرق الأوسط من جديد. الصراع بين إيران وإسرائيل خرج من الظل إلى الضوء، وأمريكا لم تعد مجرد مراقب صامت. أما مضيق هرمز، فهو برميل البارود الذي ينتظر شرارة قد ترفع سعر برميل النفط فوق 150 دولاراً، وتعيد العالم إلى أجواء أزمات السبعينيات. على المستثمرين وصنّاع القرار والحكومات الاستعداد لكل السيناريوهات، لأن القادم قد لا يشبه أي شيء رأيناه من قبل.