العملية: ضربة مركزة ومحددة الأهداف
بحسب التصريحات الرسمية، استهدفت الضربات الأمريكية مواقع تعتبر حيوية في برنامج إيران النووي، منها منشأة نطنز ومواقع أخرى غير معلن عنها حتى لحظة كتابة هذا التقرير. هذه العملية جاءت كجزء من تحرك عسكري مشترك مع إسرائيل، التي تخوض بالفعل مواجهة طويلة الأمد مع إيران في ظل توتر متصاعد على أكثر من جبهة في المنطقة.
القرار الأمريكي بالمشاركة المباشرة يُعد نقلة نوعية في الصراع، إذ أنهى عمليًا سياسة الحذر الأمريكي تجاه الاشتباك المباشر مع طهران، وفتح الباب على مصراعيه أمام موجة جديدة من الغموض الجيوسياسي.
ردود الأفعال الأولية: الأسواق تتحسس… والعملات الرقمية تتأثر
مع إغلاق أغلب الأسواق العالمية خلال عطلة نهاية الأسبوع، اقتصر رد الفعل المباشر على العملات الرقمية. حيث تراجع الإيثريوم بأكثر من 5%، بينما انخفض البيتكوين بنسبة تقارب 1%. ومع ذلك، يتوقع خبراء أن تكون الأسواق التقليدية في حالة صدمة عند الافتتاح، مع توقعات بارتفاع حاد في أسعار النفط وتراجع في شهية المخاطرة عالميًا.
قراءات وتحليلات من قلب المجتمع المالي:
مارك سبيندل – المدير التنفيذي للاستثمار في Potomac River Capital:
“الأسواق ستشعر بالقلق، وأسعار النفط ستفتح على ارتفاع. عدم وضوح ما سيحدث لاحقًا سيخلق موجة من الغموض والتقلب. جميع الأمريكيين الآن معرضون بشكل مباشر. المسألة ليست منتهية بعد، بل نحن الآن جزء من المواجهة.”
“النفط سيرتفع حتمًا بشكل أولي، لكنه قد يستقر بعد أيام. ما حدث هو عرض قوة ساحق أدى إلى فقدان إيران لأي قدرة تفاوضية. قد يدفعها هذا للهروب نحو اتفاق سلام.”
“من منظور الأسواق، هذه أخبار إيجابية. إذا اعتبرنا أن الضربة هي ‘واحدة ومنتهية’ وليست بداية لصراع طويل، فإن حالة عدم اليقين ستنخفض. لكن تظل مضيق هرمز هو الخطر الأكبر، وقد يقلب الطاولة إذا ما أغلِق.”
“هذا تطور معقد وخطير في المشهد العالمي. سيؤثر على أسعار الطاقة، وقد يعزز الضغوط التضخمية عالميًا.”
“قد يجبر هذا الهجوم إيران على التراجع والقبول باتفاق سلام يُخفف من حدة التوتر ويُخفض أسعار النفط. لكن السيناريو المرجح هو تصعيد إيراني يشمل استهداف بنية تحتية أمريكية في العراق أو مضايقة الملاحة في مضيق هرمز. الرد الإيراني سيحدد ما إذا كنا متجهين نحو نفط بـ100 دولار للبرميل.”
انعكاسات إقليمية ودولية:
رونغ رين غو – مدير محافظ في Eastspring Investments – سنغافورة:
“هذا الحدث يُدشن مرحلة جديدة من المخاطر الجيوسياسية، وتورط واشنطن المباشر سيُطيل أمد التوترات. الأسواق الآسيوية الأكثر عرضة لتقلبات أسعار الطاقة قد تواجه ضغوط تضخمية قوية، تؤثر على النمو وتُغير في تسعير المخاطر.”
“أتوقع قفزة فورية في أسعار النفط إلى ما فوق 80 دولارًا بمجرد إعادة فتح التداول. ويبدو أن اختيار يوم السبت للهجوم لم يكن صدفة، بل لتأجيل صدمة السوق حتى يوم الاثنين.”
“في حال وجود تداعيات نووية أو إشعاعية – فإن كل الاحتمالات تصبح مفتوحة. النظام الإيراني قد يعتبر أنه لم يعد لديه ما يخسره، وسيتصرف بجنون، وربما يوجه ضربات إلى السفارات أو منشآت حيوية.”
“طالما أن الضربات كانت مركزة ولم تُصِب قدرات التصدير النفطية لإيران، فإن الأثر الاقتصادي قد يظل محدودًا. ارتفاع مؤقت في أسعار النفط لن يُغير من سياسة الفيدرالي كثيرًا، ما لم يكن الارتفاع مستمرًا.”
الاحتمالات المستقبلية: ما الذي قد يحدث بعد؟
رغم أن الخطاب الأمريكي وصف العملية بأنها “منتهية”، إلا أن المشهد الاستراتيجي لا يزال مفتوحًا. الترقب سيد الموقف، خاصة مع احتمالات الرد الإيراني التي قد تشمل:
- هجمات صاروخية أو طائرات مسيّرة ضد قواعد أمريكية أو إسرائيلية في المنطقة.
- تصعيد في مضيق هرمز قد يعطل شحنات النفط ويدفع الأسعار للارتفاع الجنوني.
- أعمال تخريبية أو إرهابية عبر وكلاء إيران في المنطقة.
خاتمة: عصر جديد من الغموض والمخاطر
الضربة الأمريكية لمنشآت إيران النووية ليست مجرد عملية عسكرية، بل لحظة فاصلة في تاريخ الصراع الإقليمي. تدخل واشنطن المباشر يُغير قواعد اللعبة، ويضع العالم على أعتاب مرحلة مليئة بالتقلبات والأسئلة المفتوحة. كيف سترد طهران؟ ومتى؟ وهل نحن أمام جولة قصيرة من التصعيد… أم بداية صراع طويل الأمد يعيد رسم خارطة الشرق الأوسط وأسواق الطاقة العالمية؟ .. الأسابيع المقبلة ستُجيب، لكن المؤكد حتى الآن: الأسواق في انتظار صدمة، والشرق الأوسط يشتعل من جديد.