الذهب يواصل الصعود مع تزايد التوقعات بخفض الفائدة بعد انتهاء الإغلاق الحكومي الأمريكي

مدّدت أسعار الذهب مكاسبها اليوم الثلاثاء، بعد أن سجل المعدن النفيس أكبر قفزة يومية منذ شهر مايو، مدعوماً بتزايد الرهانات على أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي سيواصل خفض أسعار الفائدة عقب التوصل إلى اتفاق لإنهاء أطول إغلاق حكومي في تاريخ الولايات المتحدة.
وارتفع الذهب إلى نحو 4,140 دولاراً للأونصة بعد أن قفز بنسبة 2.9% في الجلسة السابقة، مدفوعاً بتقارير عن اتفاقٍ بين الحزبين لإنهاء الإغلاق الحكومي في واشنطن بدعم من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ومن المتوقع أن يُقرّه مجلس الشيوخ خلال أيام، مما يمهد لإعادة فتح المؤسسات الحكومية.
توقعات ببيانات اقتصادية ضعيفة تدعم توجه الفيدرالي نحو التيسير
من شأن استئناف عمل الحكومة أن يؤدي إلى إصدار البيانات الاقتصادية المؤجلة منذ أسابيع، ما سيمنح المستثمرين قراءة محدثة لمدى متانة الاقتصاد الأمريكي.
التوقعات تشير إلى أن الأرقام المنتظرة قد تُظهر تراجعاً في النشاط الاقتصادي، وهو ما سيُعتبر حافزاً إضافياً لقيام البنوك المركزية حول العالم بمزيد من التيسير النقدي — الأمر الذي يُعد عاملاً إيجابياً للذهب باعتباره أصلاً لا يدرّ فائدة.
عودة الحديث عن “شيكات التحفيز” تعزز جاذبية الذهب كملاذ آمن
تعززت جاذبية الذهب أيضاً بفعل المخاطر الاقتصادية المصاحبة لخطط الإدارة الأمريكية لصرف ما يُعرف بـ “عائد الرسوم الجمركية”، بعد أن لمح الرئيس ترامب إلى إمكانية إرسال شيكات بقيمة لا تقل عن 2,000 دولار لكل مواطن — في خطوة تذكّر ببرامج التحفيز خلال جائحة كورونا، والتي ساهمت في موجة تضخمية لاحقة بين عامي 2021 و2022. هذه التصريحات أعادت إلى الأذهان مخاوف ارتفاع التضخم وتراجع قيمة العملة، ما جعل المستثمرين أكثر إقبالاً على الذهب كوسيلة لحفظ القيمة والتحوّط من ضعف الدولار.
محللون: المستثمرون “مستعدون للضغط على الزناد” في سوق الذهب
قال دانيال غالي، استراتيجي في “تي دي سيكيوريتز”، إن الأسواق بدأت فعلاً في تسعير تصريحات ترامب المتعلقة بالتحفيز المالي، مضيفاً أن كثيراً من المستثمرين “جاهزون لاتخاذ مراكز شراء قوية في سوق الذهب” رغم أن بعض المسؤولين قللوا من أهمية هذه الخطط.
ورغم تراجع الذهب من قمته التاريخية فوق 4,380 دولاراً للأونصة الشهر الماضي، إلا أنه لا يزال في طريقه نحو أفضل أداء سنوي منذ عام 1979، حيث ارتفعت أسعاره بأكثر من 55% منذ بداية العام.

ويستند هذا الصعود القوي إلى عدة عوامل، أبرزها الطلب الكبير من البنوك المركزية، وزيادة التدفقات إلى صناديق المؤشرات المتداولة (ETFs)، إلى جانب تصاعد المخاطر الجيوسياسية ومخاوف تدهور أوضاع الديون السيادية حول العالم.

توقعات بنبرة تيسيرية مستمرة حتى 2026
توقّع محللون في “أوفرسي-تشاينيز بانكنغ كورب” أن تظل العوامل الداعمة للذهب قائمة على المدى المتوسط، مرجحين استمرار الفيدرالي في سياسة خفض الفائدة التدريجي حتى عام 2026 مع بقاء العوائد الحقيقية في مستويات منخفضة.

وفي المقابل، حذّر بعض أعضاء الفيدرالي من التسرّع في خفض الفائدة، إذ قالت ماري دالي، رئيسة بنك سان فرانسيسكو الاحتياطي، إن الإبقاء على الفائدة مرتفعة لفترة طويلة يحمل مخاطر، بينما شدّد ألبرتو موسالم، رئيس بنك سانت لويس الاحتياطي، على ضرورة توخي الحذر في أي خفض إضافي، متوقعاً انتعاشاً اقتصادياً جزئياً في الربع الأول من 2026.

الذهب يحافظ على مكاسبه والدولار يستقر
حتى الساعة 11:26 صباحاً بتوقيت سنغافورة، كان الذهب مرتفعاً بنسبة 0.7% إلى 4,144 دولاراً للأونصة، بينما صعد مؤشر بلومبرغ للدولار بنسبة طفيفة بلغت 0.1%. كما حققت المعادن النفيسة الأخرى مثل الفضة والبلاتين والبلاديوم مكاسب جماعية محدودة.
تأثير محتمل على الدولار والسندات
في حال تأكد إنهاء الإغلاق الحكومي وبدأت دورة جديدة من التيسير النقدي، من المتوقع أن يشهد الذهب دعماً إضافياً من تراجع الدولار وضعف العائد الحقيقي على السندات، في حين قد تتعرض العملة الأمريكية لضغوط تصحيحية مع تزايد الرهانات على خفض الفائدة.
ومع بقاء التضخم عاملاً محورياً في قرارات الفيدرالي المقبلة، سيظل مسار الذهب خلال الأسابيع القادمة مرتبطاً بوضوح البيانات الاقتصادية، حيث إن أي مفاجآت تضخمية قد تُبطئ مؤقتاً موجة الصعود الحالية لكنها لن تغيّر الاتجاه الصاعد الأساسي ما دامت السياسة النقدية تميل للتيسير.

Related posts

مستجدات الإغلاق الحكومي الأمريكي وتأثيراته المحتملة على الأسواق

توقعات أسعار الذهب والفضة: يحافظ الثيران على مكاسبهم مع ارتفاع رهانات خفض الفائدة من قِبَل الاحتياطي الفيدرالي.

توقعات سعر الدولار الأمريكي: الدولار يستقر قرب 99.60 مع انتظار المتداولين لإشارات الاحتياطي الفيدرالي – الجنيه الإسترليني/الدولار الأمريكي واليورو/الدولار الأمريكي