ظهرت اليوم بيانات مؤشر مديري المشتريات للقطاع الصناعي في الولايات المتحدة الأمريكية الصادر عن معهد التوريدات ISM، والتي أكدت استمرار انكماش هذا القطاع للشهر السادس على التوالي، دون إظهار أي إشارات حقيقية على التعافي. هذا التراجع المستمر يأتي بعد سلسلة طويلة من التباطؤ منذ نهاية عام 2022، لم تُكسر إلا بفترتين قصيرتين من التحسن.
وقد خيّبت هذه القراءة آمال المستثمرين الذين كانوا يتوقعون تحسنًا في أداء القطاع الصناعي، خاصة بعد البيانات التمهيدية الصادرة منتصف الشهر الماضي عن S&P وMarket، والتي أشارت إلى أفضل أداء للقطاع في 39 شهرًا، مما غذّى التفاؤل بحدوث تحول إيجابي.
لكن اليوم صدرت القراءة النهائية من Market وS&P لتؤكد بدورها أن هناك نموًا في القطاع الصناعي، إلا أن بيانات ISM، التي تُعتبر الأوسع والأشمل والأكثر تأثيرًا في الأسواق، جاءت لتوضح الصورة بشكل مختلف، مؤكدة أن القطاع ما يزال في أزمة حقيقية، مما يعزز حالة عدم اليقين بشأن مستقبل الاقتصاد الأمريكي.
ماذا يعني ذلك للأسواق؟
التعمق في قراءة ISM يكشف جوانب مقلقة إضافية:
- ضعف التوظيف: مؤشر التوظيف في القطاع الصناعي انكمش بشكل كبير عند مستوى 43 نقطة، أي ما دون مستوى الـ50 الفاصل بين النمو والانكماش، مما يعكس استمرار نزيف الوظائف الصناعية.
- استمرار الضغوط السعرية: القراءة أظهرت أن الأسعار ما تزال مرتفعة داخل القطاع الصناعي، وهو ما يضع تحديات إضافية أمام الفدرالي الأمريكي في موازنة بين مكافحة التضخم ودعم النمو.
هذا المزيج من انكماش النشاط وضعف التوظيف من جهة، واستمرار ارتفاع الأسعار من جهة أخرى، يعزز الضغوط على الاحتياطي الفدرالي الأمريكي لاتخاذ مسار خفض تدريجي للفائدة، بواقع ربع نقطة مئوية كل ثلاثة أشهر على الأقل، طالما بقيت قراءة ISM الصناعية في منطقة الانكماش.
وقد انعكس ذلك على توقعات الأسواق، حيث ارتفعت احتمالات خفض الفائدة في اجتماع 17 سبتمبر من 88% إلى 91% حتى لحظة إعداد هذا التقرير، وهو ما يفسر الدعم الإضافي لأسعار المعادن الثمينة.
انعكاسات مباشرة على الأسواق المالية
- الذهب: قفز ليسجل مستوى قياسي جديد وعاد للتداول فوق 3500 دولار للأونصة، مدفوعًا بمخاوف التباطؤ الاقتصادي وتزايد رهانات خفض الفائدة.
- الفضة: واصلت مكاسبها وسجّلت بالأمس مستوى 40 دولارًا للأونصة، لتؤكد استمرار الزخم الصاعد في سوق المعادن.
- مؤشر الدولار الأمريكي: ارتفع قبل صدور البيانات، لكنه قلّص من مكاسبه وتراجع قليلاً بعدها مع تزايد توقعات التيسير النقدي.
- الأسهم الأمريكية: ما تزال في حالة اضطراب وضغوط بيعية نتيجة ضعف البيانات، حيث تراجعت المؤشرات الرئيسية بين 1% و1.7% حتى وقت إعداد التقرير.