شهد سوق الذهب خلال الأسبوع الماضي ارتفاعًا مذهلاً، حيث وصلت الأسعار إلى مستويات قياسية. ولكن ما الذي أشعل هذا الجنون الذهبي، وماذا يعني بالنسبة لمستقبل المعادن الثمينة؟ وهل سيكون هناك مزيد من الارتفاعات خلال الفترات القادمة أم أن ارتفاع الذهب قد انتهى عند المستويات الحالية؟ للإجابة على هذا السؤال يجب أن نعرف أولا وقبل الخوض في الاسباب الاقتصادية أن ارتفاعات الذهب الحالية كانت متوقعة وقد كنا تحدثنا عنها منذ فترة وتوقعنا أن الذهب سيشهد ارتفاعات قوية وستكون هذه الارتفاعات لمستويات تاريخية جديدة وكانت الرؤية مبنية على المعطيات الاقتصادية والفنية معاً. اليكم أهم اسباب ارتفاع الذهب والتوقعات بالتحركات القامة.
كوكتيل من المحفزات:
اجتمعت عدة عوامل لدفع أسعار الذهب والفضة إلى الأعلى:
مخاوف البنوك المركزية: ألمحت البنوك المركزية العالمية، بما في ذلك بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، إلى إبطاء الزيادات القوية في أسعار الفائدة. وأدى هذا إلى إضعاف الدولار، مما جعل الذهب، وهو أصل مقوم بالدولار، أرخص نسبيا وأكثر جاذبية للمستثمرين.
التوترات الجيوسياسية: أدى الصراع المتصاعد في أوكرانيا والمخاوف المتزايدة بشأن العلاقات بين الصين وتايوان إلى زيادة النفور من المخاطرة، مما دفع المستثمرين نحو الأمان المتصور في الذهب.
الضغوط التضخمية: أدى التضخم المرتفع بشكل عنيد، وخاصة في أسعار الطاقة والغذاء، إلى تآكل ثقة المستثمرين في الأصول التقليدية مثل الأسهم والسندات. واستعاد الذهب، الذي كان يعتبر لفترة طويلة أداة للتحوط من التضخم، بريقه.
الشراء الفني: دائماً ستجد مع ارتفاع سيولة الذهب أن المتداولون على الذهي يكونون على أهبة الاستعداد للاستفادة من التحركات القوية التي تحدث على المعدن الاصفر، فالذهب من أهم الادوات المالية التي يتم التداول عليها بشكل عام في الأسواق المالية، والارتفاع الاخير بكل تأكيد قد اشتعل بسبب هذه المضاربات القوية التي حدثت عليه.
الأسس الاقتصادية:
وبعيداً عن المحفزات المباشرة، فإن ارتفاع الذهب يعكس مخاوف اقتصادية أعمق. ويشعر المستثمرون بالقلق من الركود المحتمل، الذي يغذيه ارتفاع أسعار الفائدة وتباطؤ النمو الاقتصادي. إنهم يعتبرون الذهب ملاذا، ومخزنا للقيمة يمكن أن يحميهم من الحالة المتقلبة للأسواق المالية. وهذا قد يدفع سوق الأسهم الى الهبوط في حالة اتخاذ الذهب للاتجاه الصاعد، فصعود الذهب مع صعود الاسهم هذا يعني أن المستثمرين يريدون الهروب من السندات والدولار، اما ارتفاع الذهب في ظل هبوط سوق الاسهم فهذا يعني الركود. وهو مالم يحدث الى الأن.
التوقعات قصيرة المدى:
يبدو المستقبل القريب للذهب مذهّبًا. ويتوقع المحللون أن تستمر الأسعار في الارتفاع على المدى القصير، ومن المحتمل أن تختبر أعلى مستوى لها على الإطلاق . عوامل مثل التوترات الجيوسياسية المستمرة، والجدل الدائر حول رفع أسعار الفائدة، واحتمال حدوث المزيد من الاضطرابات في السوق، يمكن أن تحافظ على استمرار اندفاع الذهب ومع ذلك، هناك بعض الأصوات التحذيرية تهمس حول فقاعة محتملة. وهم يزعمون أن الارتفاع الحالي غير مستدام، مدفوعا بالشراء العاطفي بدلا من الأساسيات الاقتصادية السليمة. ومن الممكن أن يتبع ذلك تصحيح حاد إذا أشارت البنوك المركزية إلى استئناف رفع أسعار الفائدة بشكل كبير أو إذا تراجعت حالة النفور من المخاطرة.
الجانب الايجابى:
كما استفادت الفضة، التي يُنظر إليها في كثير من الأحيان على أنها ابن عم أرخص من الذهب، من ارتفاع المعادن الثمينة. على الرغم من أن ارتفاع أسعاره لم يكن دراماتيكيًا مثل الذهب، إلا أنه لا يزال يتمتع باتجاه تصاعدي صحي. يشير هذا إلى أن الطلب على المعادن الثمينة كملاذ آمن واسع النطاق، ويمتد إلى ما هو أبعد من الذهب فقط. لا تزال الكرة البلورية ضبابية، ولكن هناك شيء واحد واضح: أن سوق الذهب يشهد فترة من الديناميكية غير العادية. وسواء كان هذا مجرد تراجع مؤقت أو بداية صعود مستمر، فإن الوقت وحده هو الذي سيحدد ذلك. ولكن هناك شيء واحد مؤكد: وهو أن المستثمرين بدأوا يلاحظون ذلك، وأصبحت جاذبية الذهب، الملاذ المطلق في أوقات عدم اليقين، أكثر إشراقا من أي وقت مضى.