في ظل التأرجح القوي الذي تشهده أسواق الأسهم العالمية وبعد القليل من المكاسب التي سجلتها في بداية هذا الشهر فإن حالة التأرجح عادت لترتفع مجددا
السبب في ذلك هو استمرار المخاطر التي يمكن أن تتحول إلى عالية التأثير على الأسواق بسرعة والتي منها:
- أثر التفاوت بين سياسات الفيدرالي الأمريكي وبقية البنوك المركزية
- وإمكانية تأثر أوروبا وبريطانيا ببريكست غير منظم
- وإمكانية تدهور اليورو جراء مخاطر خروج إيطاليا منه
- وإمكانية تباطؤ اقتصادات ناشئة جراء ارتفاع تكلفة الدولار
- وإمكانية تراجع طلبات السلع المكلفة داخل الولايات المتحدة الأمريكية مما قد يسبب بداية لانكماش اقتصادي.
إذا فالأمر يتعدى الفارق الواضح في سوق العملات في اتجاه الدولار الأمريكي مقارنة بتراجع العملات المقابلة له ليصل بذلك إلى
سوق السندات التي بات بها الفارق كبير أيضا بين عوائد السندات الأمريكية لأجل عامين التي بلغت 2.977% وهو الأعلى منذ 10 سنوات ونصف
جراء تلميحات الفيدرالي في اجتماعه الأخير بالحاجة إلى الاستمرار بالتدرج برفع معدلات الفائدة وبين معدل العائد على السندات الألمانية عند سالب 0.64%
الأمر الذي دفع اليورو للتراجع أكثر نحو مستويات الـ 1.12 في ظل ليس فقط استمرار عدد من البيانات الأمريكية بالتحسن بل أيضا في ظل تراجع البيانات الأوروبية لعدة أسباب منها الحرب التجارية
البيت الأبيض بالأمس كرر فكرة فرض رسوم على السيارات الأوروبية في ضربة قد تؤذي إيرادات تلك الشركات بشكل اضافي
نعلم أن اسهم تلك الشركات على تراجعات قوية منذ بداية العام جراء هذه المخاوف التي تمتد لقطاعات أخرى حيث تتراجع رغبة المستثمر بالمخاطرة في ظل عدم اليقين
وهو ما يدفع اليورو للتراجع جراء ابعاد فكرة رفع معدلات الفائدة عليه وخاصة مع بيانات اليوم التي أكدت أن المناخ الاقتصادي وفق مؤشرZEW عند أدنى مستوياته منذ عام 2012
أيضا فإن اليوم هو آخر موعد للحكومة الإيطالية لتقديم موازنة جديدة للمفوضية الأوروبية وإلا قد يفرض على إيطاليا عقوبات
وبالتالي قد يتم الرد على تلك العقوبات بالتهديد بأن تصويت الخروج من منطقة اليورو والاتحاد الأوروبي حق للإيطاليين!
وسيكون اليورو حينها في خطر شديد حيث قد يهوي بسرعة لمجرد فكرة أنه قد يفقد ثالث أكبر اقتصاد به
أما الأسهم الأوروبية فعندها أيضا قد تتأثر سلباً بقوة في ظل هذا السيناريو ولا ننسى البريكست الذي قد يؤدي لتباطؤ حاد في الاقتصاد البريطاني في حال لم يجنبه للرسوم الجمركية
أيضا فإن توقعات الطلب على النفط تشير لإمكانية وجود تراجع في أداء الاقتصاد العالمي مما أدى لتراجع توقعات الطلب عليه
بالأمس كان هناك تصريحات من أوبك وروسيا تشير للإمكانية خفض الإنتاج في ديسمبر جراء هذا التراجع في الطلب
إلا أن معارضة ترامب لهذه الفكرة جاءت بعدها بساعات قليلة مما محى كل مكاسب النفط وأعاده ليغلق يوم أمس على تراجعه اليومي الحادي عشر على التوالي!
بيانات القطاع الصناعي العالمي في أكتوبر تراجع نموها ولكن الخدمي ارتفع ليعوض من السلبية السابقة التي استمرت حتى أوصلت القطاع لأدنى مستوى نمو في عامين!
إلا أن السوق يريد انهاء الملفات الحاسمة كالبريكست وإيطاليا والرسوم التجارية وتكلفة التمويل بالدولار حتى تزول معها التأرجحات
وبالتالي طالما استمرت مجموعة العوامل التي قد تخلق أي تحرك عنيف في السوق سنرى السوق مستمر بالتأرجح
وبالرغم من كل هذه المخاوف التي تعتري الأسواق إلا أن صعود الدولار ضغط على الأصول الآمنة نسبياً كالذهب بتراجع أونصته إلى دون 1200$ والفضة التي تراجعت دون 14$
وأما عن موعد زوال هذه المخاطر فالفترة لن تتعدى نصف عام حتى تتضح الصورة في بريطانيا وإيطاليا وتتضح رؤية المركزي الأوروبي بشأن بدء رفع الفائدة ويصبح الفيدرالي الأمريكي قرب نهاية دورة التشديد النقدي
مما قد يغير كل شيء أو في حال تعقدت الأمور يعمق المخاوف بشكل أي شيء!
نورس حافظ
كبير استراتيجي الأسواق