لم يتبقَ على يوم الانتخابات الأمريكية سوى 39 يومًا، حيث يتوجه من لم يشارك في الانتخابات المبكرة، التي بدأت بالفعل في بعض الولايات، إلى صناديق الاقتراع لاختيار رئيس الولايات المتحدة الأمريكية بين كامالا هاريس ودونالد ترامب.
حتى الآن، الاستطلاعات لا تزال غير قاطعة بترجيح فوز أي من المرشحين، مما يؤثر بشكل واضح على الأسواق المالية التي نشهد فيها تحركات مترددة.
سنناقش في هذا التقرير بعض هذه التحركات، ولكن أولًا يجب الإشارة إلى أن خسارة ترامب، في حال حدوثها، قد تكون ضارة بالاقتصاد الأمريكي بسبب احتمال وقوع اضطرابات في الشوارع واعتراض على نتائج الانتخابات، كما حدث عندما خسر أمام بايدن.
هذا الأمر يفسر لنا لماذا اختار الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي عقد اجتماعه المقبل في نوفمبر في يوم غير اعتيادي.
ففي العادة، يتم إعلان قرار معدلات الفائدة يوم الأربعاء، ولكن في نوفمبر سيتم الإعلان عنه يوم الخميس 7 نوفمبر، أي بعد يوم من إعلان نتائج الانتخابات المقرر صدورها في 6 نوفمبر.
علما بأن يوم الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة ليس عطلة رسمية على المستوى الفيدرالي.
ومع ذلك، تقوم بعض الولايات والمدن بجعل يوم الانتخابات عطلة رسمية أو تمنح الموظفين إجازة مدفوعة وقد يكون هذا من الأسباب لتعديل يوم الاجتماع للاحتياطي الفيدرالي.
بشكل عام فسيكون هناك مخاوف في الفيدرالي حال حدوث اضطرابات مالية أو تراجعات حادة في الأسواق في حال وقوع احتجاجات أو أعمال شغب، خاصةً إذا خسر ترامب الانتخابات.
في هذا السيناريو، قد يكون الفيدرالي ملزمًا بخفض معدلات الفائدة بسرعة كبيرة.
- تحركات الأسواق:
نتيجة لهذه المخاوف، بدأنا نرى ضعفًا في تحركات الأسواق.
على سبيل المثال، مؤشر S&P 500، الذي يُعبر عن السوق الأمريكي ككل، يُظهر حركة ضعيفة رغم اتجاهه الصعودي الذي يسجل به مستويات قياسية.
ولكن هذا الصعود البطيء يشير إلى احتمال حدوث تراجعات كبيرة في المؤشر في الفترة المقبلة، خاصةً إذا ازدادت المخاوف المتعلقة بالانتخابات.
أسعار الأسهم لم ترتفع نتيجة زخم كبير في السوق، بل تعكس فقط تراجعًا في مؤشر الدولار الأمريكي، الذي فقد 4.5% من قيمته خلال الشهرين الماضيين.
هذا يعني أن ارتفاعات السوق الأمريكية لا تعبر عن قوة حقيقية في السوق، وإنما إعادة تقييم للأسعار بناءً على ضعف الدولار، وهذا يُعد إشارة سلبية إضافية وفق الرسم التالي.
- أسعار الذهب والفضة:
أسعار الذهب والفضة سجلت مستويات قياسية مؤخرًا، لكنها قد تشهد تراجعًا وتقلبات في حالة خسارة ترامب ووقوع اضطرابات.
في حال حدوث تراجعات سريعة في الأسهم، قد يقوم المستثمرون بإغلاق صفقات شراء الذهب لتوفير السيولة اللازمة، مما قد يدفع بأسعار الذهب إلى الهبوط.
على الجانب الآخر، إذا تزايدت المخاوف المالية، فقد يرتفع الدولار الأمريكي نتيجة الحاجة المتزايدة للسيولة، وهو ما قد يُحدث تصحيحًا لأسعار الدولار، مما سيؤدي إلى تراجع الذهب بشكل أولي قبل أن يعود للارتفاع إذا استمرت المخاوف في الأسواق.
- العملات الأخرى:
ارتفاع الدولار الأمريكي قد يضغط أيضًا على العملات الأخرى مثل اليورو والإسترليني، اللذان سجلا ارتفاعات ملحوظة مؤخرًا. ولكن مع اتجاه منطقة اليورو وبريطانيا لخفض معدلات الفائدة، فإن هناك احتمالية لتصحيح في أسعار هذه العملات مقابل الدولار الأمريكي.
في المقابل، قد تشهد عملات الملاذ الآمن مثل الين الياباني والفرنك السويسري ارتفاعات جديدة إذا ازدادت حدة المخاوف في الأسواق، حيث يلجأ المستثمرون إلى هذه العملات في أوقات عدم اليقين.
الخلاصة:
إن حالة الخوف والقلق المتعلقة بالانتخابات الأمريكية المقبلة تؤثر بالفعل على الأسواق المالية الأمريكية تحديدا وقد تنعكس قريبا على بقية الأسواق، حيث نشهد تحركات حذرة وضعيفة في العديد من الأصول.
المستثمرون يراقبون عن كثب تطورات الانتخابات، ولا تزال المخاوف مسيطرة على الأسواق، مما قد يؤدي إلى تحركات قوية ومباغتة في الفترة المقبلة.
الأسبوع القادم:
لدينا مجموعة هامة من البيانات التي ستعكس لنا مدى نمو الاقتصادات الكبرى.
يوم الاثنين، سنشهد صدور بيانات القطاعات من الصين لشهر سبتمبر، وهي بيانات مهمة يترقبها المستثمرون.
أما يوم الثلاثاء، الموافق الأول من أكتوبر، فسيكون لدينا بيانات القطاع الصناعي من الاقتصادات الكبرى، وخاصة من منطقة اليورو، بريطانيا، والولايات المتحدة الأمريكية.
يوم الخميس، ستصدر بيانات هامة ترتبط بالقطاع الخدمي لهذه الاقتصادات، مما سيساهم في رسم صورة أوضح عن حالة النمو الاقتصادي العالمي.
أما يوم الجمعة، فستكون الأنظار متجهة إلى بيانات سوق العمل الأمريكي لشهر سبتمبر، وهي بيانات شديدة الأهمية نظرًا لتأثيرها الكبير على قرارات السياسة النقدية.
بشكل عام، وكما أشرنا، من المتوقع أن تكون أغلب القراءات، بما في ذلك قراءة التضخم في منطقة اليورو خلال الأسبوع المقبل، قريبة من التوقعات.
ومع ذلك، سيكون التركيز الأكبر على المخاوف المتعلقة بالانتخابات الأمريكية المرتقبة، بالإضافة إلى حاجة الأسواق لنوع من التصحيحات في ظل الظروف الحالية.