الاقتصادات الناشئة تهدد الاقتصاد العالمي.

أصبح الأن خطر التضخم على الدول الناشئة أكبر بكثير مما كانت تتوقع كل الحكومات تقريباً خلال الاعوام الماضية، حيث أن معدلات التضخم العالمي وأزمة تدبير العملة الاجنبية لكثير من الدول أصبحت أهم معضلة يجب على تلك الدول محاربتها في الوقت الحالي، من المحتمل أن يشهد العام الجاري 2023 أزمات اقتصادية ناتجة عن الركود العالمي المحتمل والذي سيضر كلاً من الدول الكبيرة والصغيرة معاً، والسبب يكمن في ارتفاع معدلات التضخم الامريكية والتي دفعت الفيدرالي الى رفع معدلات الفائدة البنكية الى مستويات ال 5% تقريباً وهو مستوى مرتفع جداً بالنسبة لكثير من الدول خاصة الناشئة.

ارتفاع معدل الفائدة الامريكية يعني سحب السيولة الدولارية من الأسواق العالمية مما يضر بمصالح الدول الناشئة والتي تحتاج الى الدولار الامريكي لتلبية احتياجاتها من الاستيراد خاصة مدخلات الانتاج لديها، وعدم توافر السيولة الدولارية في الاسواق العالمية يعني مزيد من الضغوط الاقتصادية على هذه الدول. وهذه المشكلة قد تدفع اقتصادات تلك الدول الى الافلاس في حالة الاستدانة بالاموال الاجنبية، مازال الدولار الامريكي قوي ومتماسك عند مستويات مرتفعة أمام باقي عملات العالم ولن ينخفض الدولار بقوة أمام العملات الاخرى في المستقبل القريب، ذلك لان الفيدرالي يريد أن يكون الدولار متماسك أمام معدلات التضخم المرتفعة في الولايات المتحدة الامريكية.

من المؤكد أن الولايات المتحدة الامريكية غير منفصلة عن العالم ككل، فهناك شركات أمريكية كثيرة موجودة على أراضي أجنبية والضرر بهذه الدول قد يضر بمصالح الشركات الأمريكية أيضاً وهو التخوف الكبير الموجود عند المستثمرين الأن خاصة المستثمرين الأمريكيين، فكل العلامات التجارية الأمريكية الموجودة في دول العالم ستتأثر بأرتفاع تكاليف الانتاج على هذه الدول مما قد يضر بربحية هذه الشركات في حالة استمرار ارتفاع الدولار وارتفاع التضخم.

ارتفع الدولار الامريكي يفيد الولايات المتحدة الامريكية فيما يخص محاربة التضخم ولكن أيضاً يضر بدول العالم المستوردة لانه يرفع معدلات التضخم بسبب ارتفاع تكاليف الانتاج، فكيف سيوازن الفيدرالي بين هذه الامور لانها كما ذكرنا تضر بالولايات المتحدة الامريكية أيضاً كدولة مصدرة لكثير من المنتجات، هذا ما سنراه خلال الاجتماعات القادمة للفيدرالي والمفترض فيها ألا يرفع الفيدرالي معدل الفائدة مرة اخرى، ولكن لا أحد يعلم ماذا سيحدث فربما يرفع الفيدرالي الفائدة مرة اخرى في حالة استمرار معدلات التضخم عند مستويات بعيدة عن أهداف الفيدرالي 2%.

في الوقت الحالي أسواق الأسهم من الصعب أن تشهد ارتفاعات قوية، أما الدولار الأمريكي فمن الممكن أن يشهد ارتفاعات مرة اخرى في حالة رفع الفيدرالي للفائدة، أما الذهب والفضة الأن فيعدوا أحد السلع التي تتداول عن قيم سوقية منخفضة عن القيمة العادلة، فمع ارتفاع التضخم واستمراره ودخول الأسواق في مرحلة الركود من المحتمل أن يشهد كلاً من الذهب والفضة ارتفاعات قوية خلال العام الجاري.

 

أما عن النفط فبالنظر الى تحركاته الأخيرة والحالة الاقتصادية العالمية فمن المحتمل ألا يرتفع بقوة النفط الا في حالة تطور النزاع الروسي الأوكراني وتأثيره على المعروض النفطي العالمي، فمع دخول الاقتصاد العالمي في مرحلة ركود فهذا يخفض الطلب العالمي على النفط بسبب تقليل الشركات لانتاجها بشكل مستمر لمواجهة الأزمة، ولكن مع خفض اوبك + لكميات الانتاج خلال الاجتماعات السابقة فمازال النفط هاديء من حيث التحركات اليومية ومازال السعر في اطار التداول الطبيعي له أعلى مستوى 70 دولار، وقد يستمر التداول عند هذه المستويات لمدد زمنية أطول في حالة استمرار الحالة الاقتصادية العالمية كما هي.

Related posts

حالة من التباين في الأداء نتيجة تأثرها بعدة عوامل اقتصادية وجيوسياسية

 نتائج شركة NVIDIA للربع الأخير

تراجع جديد للأسهم الأمريكية والأوروبية وسط استمرار المخاوف الجيوسياسية