أنهي الفيدرالي الأمريكي اجتماعه اليوم وقرر به رفع معدل الفائدة بربع نقطة مئوية كما كان متوقعاً في الأسواق لتصبح بين 1.5% إلى 1.75%
المفاجأة هي بأن الفيدرالي الأمريكي لم يشر إلى وتيرة أسرع لرفع معدل الفائدة حيث أبقى توقعاته برفعها هذا العام 3 مرات مخالفاً بذلك توقعات الكثيرين بإمكانية اشارته لرفعها 4 مرات أي في كل ربع سنوي من هذا العام
نعم قام برفع توقعاته لمستويات معدلات الفائدة للعامين القادمين إلا أن هذا التغير يعتبر طفيف جدا لا يزيد عن 20 نقطة أساس
أيضاً فإن الفيدرالي لم يغير كثيراً في توقعات التضخم بالرغم من رفع بسيط لها للأعوام القادمة ضمن مظلة تحسين توقعات نمو الناتج المحلي الإجمالي وتراجع معدلات البطالة
وتمسك البنك كعادته بإشادة عامة للأداء الاقتصادي وربط معه التدرج برفع معدلات الفائدة
في المؤتمر الصحفي لم يخالف رئيس البنك جيروم باول شريعة الرئيس السابق جانيت يلين بمعنى لم يؤخذ من كلامه حق ولا باطل بشأن مستقبل قرارات البنك
وكعادة جانيت يلين تمسك جيروم باول بأن البيانات هي التي ستحدد مسار سياسة البنك التي لا تعتبر محددة مسبقاً والتي قد تتغير بالإيجاب أو السلب تجاوباً مع المتغيرات وذلك بالرغم من التوقعات الإيجابية للاقتصاد وسير التضخم دون المستوى المستهدف بالرغم من توقعات ارتفاعه الفترة المقبلة تجاه الهدف عند 2%
بالنتيجة فقد لاحظنا أن البنك قد ربط سياسته بقوة شديدة مع البيانات التي تصدر حالياً وليس مع توقعات مسار التضخم المرهون بسياسات التحفيز المالي التي نشأت عبر خفض الضرائب
حيث أشار باول بأن الآراء بين أعضاء لجنة السياسة النقدية متفاوتة تجاه تأثير التحفيزات المالية الضريبية على النمو والتضخم ومن ضمن جوانب ذلك هو بشأن توقيتها أي أنها قد جاءت في وقت اقتصادي جيد قد يصعب معه دعم المزيد من ذلك الأداء الاقتصادي
حيث أشار بالرغم من أن الجانب النظري يشير إلى أن تلك السياسات تدعم الاستثمارات وبالتالي التوظيف وتدعم ارتفاع جانبي العرض من الشركات والطلب من الافراد بما يعني إمكانية ارتفاع النمو الاقتصادي والتضخم إلا أن اختلاف الآراء هو جزء من النظام الذي يحكم الفيدرالي
ووضح أنه لكي يرتفع التضخم وليصل نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 3% التي تم الحديث عنها بين الساسة كثيراً فيجب أن ترتفع الإنتاجية ويرتفع معها مساهمة قوة العمل وهما عاملان كانا ضعيفين في السنوات الماضية
ونرى أن هذا الرد هو مفتاح اللغز الذي منع الفيدرالي من التسرع بتوقعات رفع الفائدة
من جانب آخر فقد أعلن باول بأن الحرب التجارية تعتبر عامل خطر وقلق للبنك إلا أن رؤية البنك الحالية لم تتغير بالرغم من ارتفاع الحديث عنها
وكيف تحركت الأسواق؟
تراجع مؤشر الدولار الأمريكي 0.8% إلى 89.65 بسبب عدم تقديم الفيدرالي أي لهجة تشديدية متسرعة
بالمقابل ارتفع اليورو 0.83% إلى 1.2341 والاسترليني 1.03% إلى 1.4141 والدولار الأسترالي 1.11% إلى 0.7766 والدولار الامريكي تراجع أمام الكندي 1.34% إلى 1.29 بسبب تراجع الدولار وارتفاع أسعار النفط بعد تراجع مخزونات الخام الأمريكي والجازولين
الذهب قفز 1.66% إلى 1332$ للاونصة وأما مؤشرات الأسهم الأمريكية فتأرجحت بين ارتفاع تجاوز الـ 0.5% بالبداية وتراجعات طفيفة بعدها وأنهت اليوم على تراجع بلغ 0.18% للداو جونز عند 24682.31 و0.18% لمؤشر اس اند بي 500 عند 2711.93 وتراجع 0.26% لمؤشر ناسداك الأمريكي عند 7345.29
أما عوائد السندات الأمريكية فتراجعت لأجل عامين بـ 3.3 نقاط أساس إلى 2.3035% ونقطة أساس تراجع لأجل 10 أعوام عند 2.8830% إلا أنها تراجعت من قمة اليوم عند 2.93% أي بـ 5 نقاط أساس منها
لا شك أن التمهل في تشديد السياسة النقدية يصعب عملية تجاوز عوائد سندات أجل 10 أعوام لمستوى الـ 3% ولذا فقد نشهد المزيد من تراجع هذه العوائد على المدى القصير
بالمحصلة نرى أن لا مفاجآت إيجابية تولدت عن اجتماع الفيدرالي ونرى أن المضاربات والاستثمارات تستمر بشكل افقي حتى صدور المزيد من البيانات الهامة للاقتصادات الكبرى وخاصة التضخم والتي بأساسها ستكون التحركات
نورس حافظ
كبير استراتيجي الأسواق