عند الحديث عن ضعف الدولار الأمريكي فمن الممكن أن نفرق بين نوعين من الأسباب، النوع الأول هي الأسباب الفنية، والنوع الثاني هي الأسباب الأساسية أو الاقتصادية.
الأسباب الفنية لضعف الدولار الأمريكي ممكن أن تنحصر في الآتي:
-
العرض والطلب
من أهم ما يؤثر على سعر العملة بشكل عام هو قانون العرض والطلب، وكما هو معلوم فإن زيادة المعروض من العملة عن الطلب يتسبب في انخفاض قيمتها، والعكس صحيح.
وما يزيد من الطلب على الدولار الأمريكي هو زيادة صادرات الولايات المتحدة الأمريكية، إلى جانب زيادة الطلب على السندات الحكومية الأمريكية والتي تجذب رؤوس الأموال من الخارج لشراء تلك السندات، وهو ما يعني زيادة الطلب على الدولار لشراء السندات. هذا إلى جانب شراء الأسهم، وهو ما يتطلب شراء الدولار لشراء الأسهم الأمريكية. ولكن هذه الحالة تتطلب أن يكون المشتري من دولة أخرى.
-
اتجاه نية وتفكير المستثمرين والمضاربين إلى بيع الدولار
إذا سألت أي مستثمر أو مضارب في سوق العملات الأجنبية، خاصة من يستخدمون التحليل الفني، عن أسباب هبوط أي من منتجات الأسواق المالية فستكون الإجابة ببساطه أن اتجاه جمهور المستثمرين الآن نحو بيع هذا المنتج. عندما تسيطر حالة من الفزع أو الخوف من الاحتفاظ بالعملة أو شرائها فهذا يتسبب في بيعها بقوة، وهو ما يعني هبوط سعرها أو انخفاض قيمتها نظراً لزيادة المعروض منها.
هروب رؤوس الأموال من السوق الأمريكي، وفي هذه الحالة يعني مزيد من المعروض على الدولار الأمريكي، حيث أن تسييل رؤوس الأسهم والسندات والسلع يعني بيعها، ومن ثم تحقيق سيولة دولارية للمستثمرين، وهذا يحدث في أوقات الأزمات الاقتصادية أو الفزع من احتمالية هبوط سوق الأسهم. المشكلة تأتي حينما يبدأ مستثمري سوق الأسهم من الأجانب بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية في بيع الدولار مقابل العملات المحلية.
أما الأسباب الاقتصادية فيمكن أن تكون:
-
هبوط الدولار الأمريكي لم يكن شيء جديد، ولكن كان استمرارًا للضعف الذي بدأ في 2017
-
الدولار الأمريكي كان بالنسبة لكثير من المستثمرين أعلى من القيمة العادلة له في الآونة الأخيرة
-
احتمالية مشاهدة اتجاه هابط للدولار الأمريكي الفترة الحالية بعد الاتجاه الصاعد له والذي بدأ منذ 7 سنوات، وهي دورة اقتصادية طبيعية تحدث في الأسواق
-
لم يكن الهبوط ناتج فقط عن ضعف الدولار الأمريكي، ولكن أيضاً بسبب قوة بعض العملات أمام الدولار الأمريكي وبسبب قوة اقتصاد تلك الدول والتي منها مثلاً اليورو والين الياباني
-
سياسة التعريفات الجمركية للرئيس الأمريكي أدت إلى ارتفاع أسعار المنتجات والسلع، وهو ما يعني مزيد من التضخم، وهو ما ينتج عنه دولار ضعيف
-
انخفاض الضرائب الأمريكية بسبب سد العجز المالي هي السياسة الجديدة لإدارة الرئيس الأمريكي، وهي بالطبع تدعم الدولار الضعيف لزيادة الصادرات
-
الصين ليست غافلة عما يفعله ترامب، وبالتالي وبسبب زيادة التعريفات الجمركية من جانب الولايات المتحدة الأمريكية على الواردات الصينية فقد كان رد الفعل من البنك الشعبي في الصين (البنك المركزي) أن يقلل بقوة شراء سندات الخزانة الأمريكية حتى لا يقع في فخ هبوط قيمة العملة الصينية بعد انخفاض الطلب المحتمل عليه بسبب ضعف الصادرات للولايات المتحدة الأمريكية
-
البنك المركزي الأوروبي وبنك اليابان يعيان جيداً محاولات عدم ترك عملاتهم ترتفع بحرية أمام الدولار الأمريكي، ولذلك يتركون الساحة للعملات المحلية لديهم في أن ترتفع أمام الدولار ويشجعون ذلك بقوة
كانت تلك هي أهم الأخبار التي أثرت على تحركات الدولار الأمريكي من الناحية الاقتصادية، ومن المحتمل بالفعل وسط ما يحدث الآن على الدولار الأمريكي من الناحية الفنية أن يشهد مؤشر الدولار الأمريكي مزيدًا من الهبوط خاصة أنه من الناحية الفنية هناك نماذج سعرية تدعم بقوة احتمالية الهبوط.
بالنظر على الرسم البياني للدولار الأمريكي أمام باقي العملات الرئيسية ترى أن السعر الآن يتحرك عند مستوى 96.970 بشكل ضعيف، أما النموذج الفني الوتد الانعكاسي الذي ينحصر داخله السعر حالياً من المرجح أن يقود السعر إلى مزيد من الهبوط الفترات القادمة كما حدث على الدولار أمام الين الياباني الأسبوع الجاري. وفي حالة كسر الضلع الأسفل لهذا النموذج، فمن المحتمل أن يشهد الدولار مزيدًا من الضعف قد يصل معها إلى مستوى الدعم 94.
أما عن اليورو والين الياباني أمام الدولار الأمريكي فقد كان لهما السابقة، حيث أن العملتان بالفعل وجدوا اندفاع شرائي قوي أمام الدولار الأمريكي خاصة يوم أمس مع اجتماع الفومك، وهو ما يدعم فكرة الدولار الضعيف في الفترات القادمة.